+ A
A -
كثير من الناس يفكرون كيف يقضون فصل الصيف، فمنهم من يعتبره فرصة للسفر خارج الوطن طالما لا مدارس ولا جامعات، ومنهم من يفكر في التردد على المنتجعات للحصول على قسط وافر من الراحة والاستجمام، ومنهم من يفكر في ممارسة نشاط ما يعود عليهم بالفائدة المادية أو المعنوية، وفي بلدنا العزيز الكثير من المراكز التي توفر للشباب والنشء أنشطة تعود عليهم بالفائدة المادية والثقافية والمعرفية.
كثيرون يعقدون العزم على قضاء فصل الصيف في القراءة، من أجل تنمية معارفهم وتوسعة مداركهم، وتصحيح أو تطوير فهمهم للحياة، بل تحسين نوعية الحياة، وذلك من خلال تناقل المعارف بين ثقافات الشعوب؛ فالحياة بطبيعتها تكاملية، حيث إن كل شخص فيها يمتلك جزءا يسيرا من المعرفة، ومن هنا فإن القراءة هي واسطة نقل هذه المعارف بين مختلف شعوب الأرض، وهؤلاء قد نجحوا أيما نجاح في الاستغلال الأمثل لفصل الصيف، لأنهم استفادوا على الأقل بأن أهلوا أنفسهم تأهيلا سليما للتعامل مع البيئة التي يعيشون فيها، ومناقشة الأمور الحياتية بعقلانية، مناقشة قائمة على العلم والمعرفة وإعمال العقل، لأن العمليات التي يقوم بها الدماغ أثناء قراءة النصوص وتحليلها تتنوع بين التأمل والتفكير والتخيّل والتحليل وربط الظواهر مع مفاهيمها تؤدي كلها إلى تنمية القدرات التأملية والتعبيرية الكتابية منها والشفوية، وتطوير القدرات التحليلية، ورفع مستوى التركيز.
ويرى كثير من المجربين أنه في عالم اليوم عالم الانترنت والسوشيال والميديا والشات والبريد الإلكتروني، يتوجه الانتباه والتركيز على ملايين الاتجاهات المختلفة في وقتٍ واحد، وتتعدد المهام رغم اختلافها في يومٍ واحد. في فترة خمس دقائق فقط، فإن الشخص العادي سوف يقسم وقته إلى أشياء مختلفة من متابعة العمل على المهام اليومية وفحص الايميل والمحادثة شات مع الآخرين، مع بقاء عينه على تويتر والقيس بوك والسناب شات والانستجرام ومراقبة هاتفه الجوال والتفاعل مع زملاء العمل، كل هذه تدفع العقل إلى مزيد من الإجهاد والقليل من الإنتاج، ولكن عندما تقرأ كتابا فإن كل انتباهك سوف ينصب على القصة، وسوف تغمس نفسك في تفاصيلها، جرب أن تقرأ من 15 إلى 20 دقيقة قبل العمل، وسوف تتفاجأ كيف أصبحت أكثر تركيزاً بعد ذلك عندما تكون في مكتبك، بل عندما تقرأ مقالا فإنه سوف يجعلك تركز في موضوعه ويأخذك بعيدا عن المشاغل الروتينية، مما يشكل نوعا من النقاهة والاستجمام لا نعهده في حياتنا، ولقد أثبتت نتيجة أبحاث جامعة بريطانية نشرت في صحيفة التيليجراف، أن للقراءة أثرا واضحا ومباشرا على التخلص من الإجهاد والتوتر، وقد لوحظ تأثير القراءة لـ 6 دقائق على تهدئة معدل ضربات القلب بصورة واضحة.
فهيا لا نحرم أنفسنا ولا نحرم أولادنا من نعمة القراء وتعالوا ننمي مكتباتنا المنزلية، فلقد كان أول أمر من الله لرسول: «اقرأ».
بقلم : آمنة العبيدلي
copy short url   نسخ
05/08/2018
3418