+ A
A -
للكلمة أثر وتأثير في النفس قد يكون أشد إيلاما من جرح غائر نتيجة طعنة بخنجر أو رمية برمح، إذا كانت نقدا تم توجيهه بطريقة لا تراعي قواعد وأصول النقد، وفي المقابل قد يكون لذلك التأثير مفعول السحر ويفتح آفاقا من الأمل والتفاؤل إذا كانت الكلمة إطراء أو مدحا ولو على سبيل المجاملة.
ومن هنا يمكننا القول إن الناس هي من يؤلم بعضها بعضا، وهي أيضا من يسعد بعضها بعضا، لكن تخفيف الألم وخاصة النفسي منه يحتاج إلى جهد أكثر، ويستغرق وقتا أطول، ذلك أن أي إنسان منا لو تلقى أو سمع في اليوم عشر كلمات مدحا وثناء جعلته في قمة النشوة والحماس وإقبال على الحياة والعمل بصدر رحب، ثم سمع كلمة واحدة نقدا بطريقة تفتقد الذوق ولا تراعي معايير الإنسانية فإنها كفيلة بالقضاء على كل ما كان لديه من نشوة وحماس وحب للحياة والعمل، وليس هذا فحسب ولكنها أيضا يمكن أن تولد العداوة والبغضاء في النفوس.
هذه هي الطبيعة البشرية، فقد جُبِل الناس على حب سماع الكلمة الطيبة التي شبهها القرآن بالشجرة الطيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، وفي المقابل جُبِلوا أيضا على بُغض الكلمة الخبيثة التي تؤذيه وشبهها القرآن بالشجرة الخبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار.
ومع كل ما سبق دعونا نتساءل، أو يسأل كل منّا نفسه كم مرة في اليوم الواحد تعرضتُ أو أتعرض لكلام موجع مؤذ للنفس والجسد أيضا؟!، وكم مرة تعرضتُ أو أتعرض لكلام تشجيع وثناء؟!.
الإجابة الواقعية الحقيقة هي أن عددا كبيرا من الناس سيجد نفسه يتعرض للنقد أكثر مما يتعرض للثناء، وبما أن دراسات كثيرة في مجال علم النفس وفي مجال الأداء الوظيفي قد أثبتت أن أثر الكلام السيئ مؤذٍ جدا، فماذا علينا أن نفعل إذن كي نتجاوز الأثار السيئة التي تنتابنا نتيجة النقد غير البناء ؟.
ينصحك خبراء وعلماء نفس بأنه كي تتجاوز هذه المعضلات عليك أن ثق بنفسك جدا، وأن تشحن عقلك بكلمات وعبارات التشجيع، وعليك بحماية حدودك من الآخرين، وأن تتذكر دائما الكلمات الحسنة، وقل لعقلك إنها هي الصادقة المخلصة الأمينة، وفي الوقت نفسه ركز على أهدافك، وتخيل أنك لو في سباق جري وأحدهم وجه لك سبا فلن تقف لترد عليه، بل ستستمر في مواصلة السباق، فحذارِ أن تسمح لأحد أن يوقفك عن سباق الحياة، مستقبلك بيدك أنت لا بيد غيرك، لا تغضب ممن يسيئون إليك، ولكن ارحم عجزهم وجهلهم وضعفهم، وأكمل طريقك، فأحياناً لزاما علينا أن نتعلم كيف نتجاهل كل ما يسبب لنا الألم، كيف نعتمد على أنفسنا دون انتظار مساعدة من أحد، نتعلم ألا نقضي سنوات عمرنا في انتظار ما لا يأتي، نتعلم ألا نقف على الهامش في حياة أحد، نتعلم ونستوعب أن لا أحد يدوم لأحد إلا المحبين له بقلوب صادقة.. ودمتم محبوبين.
بقلم : آمنة العبيدلي
copy short url   نسخ
18/11/2018
2788