+ A
A -
يعقوب العبيدلي
وانقضى يوم الحب، والتقينا لقاء الغرباء، كما يقول الشاعر العربي، بدل أن نحب بعضنا بعضاً في يوم الحب، كنا نوجس خيفة من بعضنا البعض، وكنا نحمل أفكاراً مختلفة، وأهواء متنوعة، واتجاهات متعددة، يوم الحب لم يجمع شتاتنا، ويلملمنا، ويدثرنا بوروده الحمراء! لماذا لم تكن النفوس في يوم الحب أكثر اطمئناناً ! والعقول أوسع تفهماً! وبعيداً عن مشروعية يوم الحب، فإسلامنا يدعو للحب، لأنه ضرورة إنسانية، ونحن العرب أمة الحب والتسامح والسلام، وما أكثر كتبنا ونثرياتنا ودواويننا في هذا الجانب، لأنه يمدنا بالقوة، والحماية، ويقي من الأمراض والأسقام، ما أجمل الوصال الحلال والتدثر الحلال، يلفنا برداء الدفء، والاطمئنان، فنمتلئ ثقة واعتزازاً، في حياة كل منا جانب يستحق الحب، ممكن شخصاً، ممكن عملاً، ممكن أخاً، وممكن الحب يمثل جانباً سلبياً مرضياً مثل، حب الظهور، حب العظمة، حب الفضول، في وقتنا هذا المضطرب، وعصرنا الرمادي المصاب بالجرب، نحن بحاجة إلى رومانسية الحب، والأنثى الرومانسية، وبحاجة إلى الكلمات الرقيقة، والإيحاءات الدقيقة، والجمال وبريقه، رغم عذوبته وعذابه، الإنسان الحبيب، المحب، العاشق، في هذا العصر، عصر الفتن، ما ظهر منها وما بطن، وعصر الإرهاب، والكيد للزملاء الأحباب، إنسان غريب، ملفت للنظر، يخشى عليه من الخطر، لأنه رومانسي، يزدري الواقع والواقعية، لا يفتح عينه إلا على كل جميل، لا يحب الزحام، والفرجة على الحطام، وأضواء الإعلام، يحب الاختلاء مع نفسه، وتأملاته، وومضاته الوردية، وأعواد الزهور، وعبق المسك والصندل والبخور، تؤثر عليه الفيروسات المضادة للحب، من ضوضاء لاسلكية وفوضى إلكترونية، وذباب إلكتروني قذر، اعتادت على الموجات القذرة، والعبارات الموحلة، والمفردات الزبالة، أصحاب الرومانسية، لطفاء الحب العذري، اعتادوا على الأجواء المرهفة، والمشاعر الدافقة، يتحلون بالمثل والقيم العليا، يؤمنون بنقاء الخفقة، لهم واحتهم النفسية، وخصوصيتهم الوجدانية، إنهم ليسوا كغيرهم ممن ينظرون إلى المرأة– كما تقول الشاعرة- كقطعة حلوى وزغاليل حمام، وحينما يقطف التفاح من أشجارها مباشرة ينام! إنهم روعة العشاق، والنساك في محراب الغرام، مشكلتهم أنهم يحبهم البعيد، ويزهد فيهم القريب! الشاهد يوم الحب- وبعيداً عن مشروعيته- هو وسيلة لتحقيق الغايات التي تنشدها الإنسانية، الحب والتسامح والسلام والإصلاح والاحترام والتقدير والثقة المتبادلة والبصيرة في المسير، والحرية في التعبير، إن مشوار الحب جميل، وطريق الحب والثقة طويل، لنضع أيدينا في أيدي بعض بحب وثقة ونتوكل على الله، وهو الهادي إلى سواء السبيل.
وعلى الخير والمحبة نلتقي
copy short url   نسخ
16/02/2019
2538