+ A
A -
أخلو إلى نفسي كثيرا هذه الأيام وأستغرق في التفكير عن أحوال وطننا العربي عموما ومجلسنا الخليجي خصوصا، وأتذكر بل وأستحضر الأيام الجميلة التي مرت بها دول المجلس، وخُطب القادة التي تؤكد على وحدة المصير، ووحدة الهدف، ووحدة شعب الخليج، كما أستحضر الأغاني الوطنية والأوبريتات الحماسية التي كان يتم إنتاجها في مناسبات القمم الخليجية ولا تزال ألحانها تطرب أذني، وأتخيل تلك الأيام الجميلة التي كان الأمل والتفاؤل يزينان فيها وجوه الخليجيين عندما يتنقلون بحرية بين دول المجلس ويملأُهم الشعور بأنهم بين إخوانهم.
وفجأة استيقظ من هذا التفكير العميق، وهذا الطيف الجميل وأعود إلى الواقع الحالي العليل، لأجدنا انقلبنا رأسا على عقب، حملات وهجمات إعلامية غير مسبوقة، وأيضا على وسائل التواصل الاجتماعي غريبة علينا وغير معهودة، والمشكلة تكمن في أن البادي الظالم هو من يرفض الحوار، وقطر المعتدى عليها بقرصنة مواقعها، ورميها بادعاءات باطلة وافتراءات جائرة هي من تنادي بالحوار، إيمانا منها بضرورة الحفاظ على مجلس التعاون قويا في مواجهة التحديات والمخاطر التي تحدق بالوطن العربي، ولا قبل لطرف واحد بمواجهتها.
أتساءل مع نفسي كثيرا، وها أنا اتساءل مع القراء الكرام الآن، لماذا هذا التعنت من قبل دول الحصار، ولماذا عدم التعاطي إيجابا مع دعوة قطر للحوار؟.
للأسف الشديد الدول العربية تتشدد مع بعضها وضد بعضها، وتتساهل مع أعدائها، لقد مرت عشرات السنين والدول العربية تستجدي الحوار من إسرائيل ولكن الأخيرة ترفض، ثم قدمت الدول العربية المبادرات تلو المبادرات ولكن إسرائيل لا تقيم لها وزنا، ومع ذلك تخطب ودها!.ونحن والله نتمنى الوفاق يحل محل الشقاق، ونريد الصلح بين كل الدول التي تعصف بها خلافات، ولا نريد أن نرى دولتين متخاصمتين لإيماننا بإمكانية التغلب على كل الأزمات مهما تفاقمت، فرصيد الإنسانية من الخير كبير.
على كل حال تأكد للجميع الآن بعد مرور هذه الشهور الطويلة على الأزمة الخليجية أن دولة قطر قوية، وعندما تنادي بالحوار فلا تنادي به من موقف ضعف ولكن من باب التزامها بالحفاظ على قوة مجلس التعاون، وعودة الوجه الجميل له، وترميم التصدع الذي أحدثه الحصار، واستئناف صلات الأرحام بين الأسر الخليجية.
الذاكرة التاريخية تؤكد أنه ما من مشكلة ولا أزمة مرت بها الدول إلا وقد حُلَّت بالحوار، حتى النزاعات التي اندلعت فيها حروب عسكرية لم تحل في نهاية المطاف إلا بالحوار، والحوار قد أقره القرآن الكريم واتخذه رسولنا الكريم سبيلا لحل الخلافات مع الأعداء في مواطن كثيرة، نسأل الله تعالى أن تسود روح الأخوة لدى دول الأشقاء والله. من وراء القصد.

بقلم : آمنة العبيدلي
copy short url   نسخ
28/01/2018
2419