+ A
A -
الذكرى العشرون لحدث تعيين حكومة الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي، التي عرفت في التاريخ السياسي المغربي بحكومة التناوب التوافقي(1998-2002)،أعادت من جديد إحياء الجدل والنقاش حول تجربة سياسية مهمة في الحياة العامة للمغرب.
لقد كان من اللافت ان يختار الملك الراحل زعيما يساريا ومعارضا تاريخيا،لقيادة حكومة ضمت في صفوف أغلبيتها أحزابا كانت تشكل لسنوات جزءاً من المعارضة السياسية بالبلاد.
من الثابت ان ترتيب الانتقال السلس للحكم كان واحدا من رهانات التجربة، لكنها بالتأكيد كانت كذلك تتويجا لمسار من الانفتاح السياسي، انطلق منذ بداية التسعينيات، وعرف العديد من الخطوات المتقدمة في مجالات حقوق الانسان، والاصلاحات السياسية، والتغييرات الدستورية، ساهمت في تعزيز منسوب الثقة بين الدولة والقوى السياسية.
لذلك طبع السياق، تأسيس حكومة التناوب، بكثير من المعاني والدلالات التي أكسبتها قيمتها كحدث تاريخي، يعبر عن تحقق جزء من المصالحة السياسية، ويجسد ثقافة التوافق الوطني، ويحاول تقديم رؤية مغايرة لتدبير السياسات العمومية.
ولعل ذلك ما جعل هذه الخطوة تبدو كوعد بالانتقال الديمقراطي وبالتحول السياسي، في علاقة الدولة بالمجتمع.
المؤكد اليوم، وبغض النظر عن مآلات التجربة، وآفاقها التاريخية، ان تجربة التناوب (1998-2002) شكلت عودة قوية للسياسة وللاهتمام بالشأن العام، وأعادت الاعتبار لدور الإرادة في إحداث التحولات، بعيدا عن الحلقة المفرغة للاختيارات المعتمدة على الكفاءات التقنية.
حكومة التناوب، كما كانت مثيرة للجدل في زمنها،ظلت كذلك محطة للخلاف بمناسبة تقييمها؛ لذلك تتقاطب حولها الآراء والمواقف، في كثير من الحالات بشكل دراماتيكي، بين خطاب تمجيدي يحتفي بمنجزها وبحصيلتها الاستثنائية في الاقتصاد والقطاعات الاجتماعية والثقافية، وبين خطاب تبخيسي يعتبرها مجرد خيبة أمل في تحقيق التقدم السياسي المنشود.
لذلك فهي تحتاج إلى جهود اكثر موضوعية،في التحليل والقراءة والمقارنة، ولعل هذا الأمر موكول إلى المؤرخين وعلماء السياسية، خاصة مع توفر الكثير من الشهادات المتقاطعة حول الحدث، من طرف كبار صانعيه.

بقلم : حسن طارق
copy short url   نسخ
30/03/2018
46967