+ A
A -
ناصر جابي كاتب جزائري
{ عن صحيفة «القدس العربي» اللندنيةقد تكون هذه الصورة أبلغ تعبير عن حالة الحزب السياسي في الجزائر وهو يعيش مرحلة ما بعد الحراك الشعبي الذي انطلق في 22 فبراير الماضي. الأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحيى في السجن بتهم فساد خطيرة، وهو نفس حال الأمين العام الأسبق لجبهة التحرير جمال ولد عباس، وعمار غول رئيس حزب تجمع أمل الجزائر، وعمارة بن يونس رئيس حزب الحركة الشعبية.
أحزاب سياسية كونت تحالفا رئاسيا لدعم الرئيس السابق وهو يطالب بعهدته الخامسة بعد أن استمر في السلطة أكثر من عشرين سنة عرفت فيها الجزائر حالة انتشار للفساد قل نظيرها. أحزاب كانت على الدوام في خدمة أي رئيس يصل للسلطة، بررت السياسيات المتبعة ودافعت عن الخيارات الرسمية مهما كانت، كما فعل حزب السلطة القديم جبهة التحرير كواجهة للسلطة الفعلية مباشرة بعد استقلال البلاد في 1962.
أحزاب تكونت كمشاريع انشقاق عن أحزابها الأم كما هو حال حزب عمارة بن يونس، الحركة الشعبية، المنشق عن التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية أو حزب «تاج» لصاحبه عمار غول، الوزير المنشق عن حركة مجتمع السلم الإخوانية.
فقد انشقت هذه الوجوه السياسية الطموحة عن أحزابها الأم من مختلف العائلات السياسية، تعلق الأمر بالإخوان المسلمين أو التيار الديمقراطي أو الوطني الذي يمثله ضمن هذه القائمة المتواجدة بسجن الحراش أحمد أويحيى الذي انشق حزبه عن حزب جبهة التحرير في 1997 بعد رفض قيادة جبهة التحرير في تلك الفترة الانصياع لأوامر السلطة الفعلية، مما جعلها تخترق الحزب من الداخل، وتكون حزبا سياسيا جديدا لمنافسة جبهة التحرير في تقديم الولاء لسلطة الأمر الواقع، كما سميت في تلك الفترة.
لتبقى سمة الانشقاق والصراع الصفة الأساسية لهذه الأحزاب التي تشبه حالة «أحزاب الوزراء» أو «أحزاب الإدارة» كما هي معروفة، في أكثر من تجربة سياسية عربية ـ المغرب كمثال ـ يرفض فيها «المناضل» الوزير العودة إلى الحزب الذي اقترحه لتمثيله في الحكومة، لينشق لاحقا ويكون حزبا سياسيا جديدا، لتمرير سياسات ومشاريع السلطة التي تعود على القرب منها.
أحزاب سياسية يطرح النقاش السياسي الحاصل في البلد هذه الأيام مدى السماح لها بالمشاركة في «الحوار السياسي» الأعرج الذي انطلق للتوصل إلى الحلول الممكنة والذهاب للانتخابات الرئاسية في آجال معقولة، كما تطالب بذلك قيادة الجيش، لإخراج النظام السياسي من أزمته التي ورطته فيها هذه الأحزاب وهي تدافع عن عهدة خامسة لرئيس مريض ومقعد، لتبقى الفكرة الأكثر حضورا هي رفض مشاركة هذه الأحزاب التي ورطت البلد انطلاقا من أن الذي كان سببا للأزمة لن يكون مفتاحا للحل.
بالطبع، لا يقتصر الأمر على أحزاب الموالاة ونحن نتحدث عن أحزاب ما بعد الحراك، فأحزاب المعارضة معنية هي الأخرى بهذا الحديث.
(يتبع)
copy short url   نسخ
14/08/2019
354