+ A
A -
عواصم- وكالات- أعلنت تركيا، أمس، «استكمال» الاستعدادات لشن عملية عسكرية في شمال سوريا، رغم الإشارات المتناقضة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن إن كان أعطى الضوء الأخضر للهجوم.
وسحبت الولايات المتحدة ما بين 50 ومائة جندي من أفراد القوّات الخاصّة من الحدود الشمالية أمس الأول، وأثارت خطوة ترامب المفاجئة انتقادات واسعة من كبار الجمهوريين، إذ اعتُبرت بمثابة تخلٍ عن القوات الكردية التي كانت حليفًا رئيسيًا لواشنطن في معركتها ضد تنظيم داعش.
لكن بدا ترامب وكأنه عدل موقفه، فهدد عبر تويتر بـ «القضاء» على الاقتصاد التركي إذا قامت أنقرة بأي أمر يعتبره غير مناسب، وقال: «أبلغت تركيا أنها إذا قامت بأي أمر يتجاوز ما نعتبره إنسانيا.. فسيواجهون اقتصاداً مدمّراً بالكامل».
وردّ نائب الرئيس التركي فؤاد أقطاي على تهديد ترامب، محذّراً من أن «تركيا ليست دولة تتحرّك بناء على التهديدات».
ووصفت رئيسة حزب «إيي» التركي ميرال أقشنر، تهديد ترامب بتدمير الاقتصاد التركي بـ «العار الدبلوماسي». وأوضحت في البرلمان التركي أن مثل هذه التهديدات تلحق أضرارا كبيرة بمفاهيم الصداقة والتحالف بين البلدين.
ونددت أنقرة مراراً بالدعم الأميركي للقوات الكردية في سوريا نظراً لعلاقتها مع حزب العمال الكردستاني المحظور «بي كا كا» الذي خاض تمرّداً داميًا ضد الدولة التركية منذ العام 1984. وجاء في تغريدة لوزارة الدفاع التركية: «استُكملت جميع التحضيرات لتنفيذ عملية».
وكشفت وكالة الأناضول عن توجه وحدات من القوات الخاصة «كوماندوز» التركية أمس إلى الحدود السورية، بعد أن تجمعت في ولاية هطاي، ثم توجهت إلى ولاية غازي عنتاب، بهدف تعزيز القوات التركية على الحدود السورية.
أما الحكومة السورية فرأت في التطورات الأخيرة فرصة لدعوة الأكراد للعودة «إلى الوطن».
وقال نائب وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد: «قلنا إن من يرتمي بأحضان الأجنبي فسيرميه الأجنبي بقرف بعيداً عنه وهذا ما حصل». وقال المقداد في أول تعليق رسمي سوري: «سندافع عن كل الأراضي السورية».
واتّهم حتى حلفاء ترامب الرئيس الأميركي بالتخلي عن الأكراد الذين يشكلون العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية «قسد» وخسروا نحو 11 ألف مقاتل في إطار الدور القيادي الذي لعبوه في المعارك ضد تنظيم داعش.
وشدد ترامب على ضرورة إنهاء التواجد العسكري الأميركي في المنطقة، وقال في تغريدة: «نريد إعادة جنودنا من هذه الحروب التي لا تنتهي. نحن أشبه بقوة شرطة. لا نقاتل بل نقوم بدور الشرطة». وأكد ترامب أمس أن الولايات المتحدة «لم تتخل عن الأكراد»، وكتب في تغريدة: «قد نكون في طور مغادرة سوريا، لكننا لم نتخل بأي شكل كان عن الأكراد الذين هم أشخاص مميزون ومقاتلون رائعون»، مشددا في الوقت نفسه على أن واشنطن لديها علاقة مهمة مع تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي والشريك التجاري. وأضاف: الكثيرون ينسون أن تركيا شريك تجاري كبير للولايات المتحدة الأميركية، تركيا تصنع أجزاء من مقاتلات «أف-35».
لكن كبار الجمهوريين انتقدوا القرار، وقال زعيم الأكثرية الجمهورية في مجلس الشيوخ الأميركي ميتش ماكونيل «إن انسحابًا متسرعًا للقوات الأميركية من سوريا لا يمكن إلا أن يكون لصالح روسيا وإيران ونظام الأسد».
وأكدت إيران، الداعم الأبرز للحكومة السورية، معارضتها لأي تحرّك عسكري تركي. وفي اتصال هاتفي مع نظيره التركي مولود تشاوش أوغلو، أكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن إيران تعارض العملية العسكرية ودعا إلى «احترام وحدة أراضي (سوريا) وسيادتها الوطنية».
وتطالب أنقرة بـ «منطقة آمنة» على الحدود مع شمال سوريا تفصل مناطق سيطرة المقاتلين الأكراد عن الحدود التركية وتسمح بعودة نحو 3.6 ملايين لاجئ سوري فروا من الحرب الأهلية المستمرة منذ ثماني سنوات. وأكّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن العملية في سوريا قد تتم في أي وقت و«بدون سابق إنذار»، بينما يستعد الأكراد في المنطقة للمواجهة.
وتثير العملية التركية المخاوف من احتمال فرار نحو 10 آلاف مقاتل من تنظيم داعش تحتجزهم قوات سوريا الديمقراطية حاليًا في حال اضطر مقاتلو المجموعة لمواجهة الجيش التركي. وبين هؤلاء، نحو ألفي عنصر من «المقاتلين الأجانب» الذين انضموا إلى صفوف التنظيم بعد أقل من عام على هزيمة التنظيم المتطرف وتفكك «الخلافة» التي أعلنها في أجزاء من سوريا والعراق. وأعلن ترامب أن تركيا وغيرها من الدول تتحمل مسؤولية التعامل مع محتجزي تنظيم داعش.
وأعربت بريطانيا عن «قلقها البالغ» إزاء خطة تركيا شن عملية في شمال سوريا، وأبلغت أنقرة بأنها لن تدعم خطوتها.
من جهته، قال الناطق باسم الرئاسة الروسية (الكرملين)، ديمتري بيسكوف، إن موسكو تشك في حقيقة انسحاب القوات الأميركية فعلياً من مناطق شمالي سوريا.
copy short url   نسخ
09/10/2019
2781